بين القلب والبدن
لقد كان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يملكون فهما عجيبا لأكثر ما يحب الله وأسرع ما يقرب منه.
ولم يأتي ذلك من فراغ .. بل لأنهم فقهوا ما بين السطور في كل من القرآن والسنة ولم يكتفوا بالمفهوم الحرفي للنص.
فهذا أبو الدرداء يلخص قضية القلب والبدن والفرق بينهما في جمل رائعة ..
(والذرّة من صاحب التقوى أفضل من أمثال الجبال في عبادة المغترّين)
فالعبد يقطع منازل السير إلى الله بقلبه وهمته لا ببدنه ... والتقوى فقه القلوب لا فقه الجوارح.
{ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ }الحج32
فالإكثار من العمل مطلوب ولكن بالتوازي من التزكية القلبية والتخلص من أدران الهوى.
ويروى في الأثر أن عبدا من بني اسرائيل لم يكن على قدر كبير من العبادة والقيام ..
وكان سيدنا موسى على علم بحاله.
وحين مات .. أوحى الله لسيدنا موسى قائلا عن ذلك العبد : ..
يا موسى .. هو رفيقك في الجنة
قال سيدنا موسى : ولكنه يا رب لم يكن على قدر كبير من العبادة
قال له الله : ولكنه قبل أن يموت نطق بخمس كلمات جعلته بسببهن رفيقك في الجنه
قال سيدنا موسى : وما هن يا رب ؟
قال الله :لقد قال : ...
(يا رب . إنك تعلم أني أحب الصالحين ولست منهم
وتعلم أني أبغض العصاة وأنا منهم
وتعلم أني ما سألتك الجنة إلا لعلمي أن دخولي إليها لن ينقص من ملكك شيئا.
وتعلم أني ما استعذت بك من النار إلا لعلمي أن ابتعادي عنها لن يزيد في ملكك شيئا.
وتعلم أني ما سألتك المغفرة إلاّ لأني أعلم أنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.)
تأملوا إخواني وأخواتي تلك الكلمات التي لا تخرج إلا من قلب محب معلق بالله .. ولا ترد تلك الكلمات في خاطر إن كان جل اهتمام العبد زيادة الركعات على حساب تزكية النفس والقلب.
****
منقول